محمد البهنساوى
محمد البهنساوى


حروف ثائرة

لماذا سقط الإخوان؟!  «2» 

محمد البهنساوي

الخميس، 15 يونيو 2023 - 06:28 م

نواصل اليوم حديثنا حول السؤال الذى ليس حائرا، «لماذا سقط الإخوان؟!»، وليس حائرا لأن الأغلبية حتى من الإخوان أنفسهم أدركوا حجم مصائبهم التى أدت لسقوطهم، ولا مناص أن نتذكر بعضا مما كشفته تلك الفترة من سوءات الجماعة، وإذا كنا تحدثنا بالمقال السابق عن الكذب والخداع والانتهازية التى تتقنها الجماعة، وكيف استغلت منذ نشأتها حديث الدين المزيف والمغلف بالمظلومية للتوغل بين المصريين خاصة البسطاء، تحينًا للحظة الانقضاض على الحكم، غايتهم التى لم يتوقفوا عن السعى لها، ورأينا كيف كذبوا بعدم مشاركتهم فى تظاهرات يناير معتبرينها فتنة، وعندما تأكدوا من قوة التيار قفزوا عليها بلا هوادة. 

وبنفس الانتهازية التى بدأت تزداد وضوحا منذ 28 يناير عندما وصلت التظاهرات ذروتها، زادت وهج ولهيب مخطط الإخوان، وبدأوا الحشد أولا للمغيبين المعتنقين أفكارهم، وثانيا للأغلبية الذين رفلوا سنين فى نعمة عطاياهم، وجاء يوم سداد الدين مغلفا بوعد بمزيد من العطايا والهبات حال وصولهم للحكم، ولأنهم كانوا يخططون لتلك اللحظة سرا، كانت وقائع اقتحام السجون بمساعدات خارجية وداخلية وكان أول الهاربين مساجينهم ومساجين أغلب التيارات الإرهابية والمتشددة حتى الكارهين منهم للإخوان، فتلك لحظة تحتاج دعما من نفس المعين ولو كانوا كارهين ومنافسين، هؤلاء سهل إسقاطهم فى شرك الكذب والخداع والانتهازية، وبعد تحقيق الهدف يتم الخلاص منهم وأضعف الإيمان إعادتهم لسجونهم، وكانت الخطوة الأخطر والتى تؤكد أن تلك الجماعة فى سعيها للحكم تستعين بالشياطين ولو كان الثمن إحراق الوطن، فليذهب الوطن للجحيم فى سبيل مقاليد الحكم ولو لوطن مهلهل ممزق، ليبدأ تسلل المناصرين والمرتزقة من كل حدب وصوب عبر حدودنا الشرقية وبمساعدة أعوانهم بقطاع غزة، وبدأ المتسللون ينتشرون كالجراد فى ربوع الوطن حسب خطة الجماعة وفى انتظار تعليماتها بقتل أو تدمير أو أعمال شغب، وكان التجمع الأكبر لهؤلاء الإرهابيين القتلة بجبال سيناء لحاجة فى نفس العشيرة!!

وعلى الجانب الآخر، ولأنها لحظة فارقة يخططون لها منذ نشأتهم عام 1928 هناك عشرات الآلاف من الخلايا النائمة، أبعدتهم الجماعة عن المشهد وادخرتهم كما نقول بالبلدى «لوقت عوزة» وجاء هذا الوقت لتنطلق أفواج الخلايا النائمة للميادين والشوارع، وبدأت انتهازية الجماعة وجشعها يظهر مبكرا من قلب ميدان التحرير وميادين التظاهرات للسيطرة تماما على المشهد، وإبعاد قادة الشباب الثائر وأصحاب الدعوة الحقيقيين للتظاهرات، ونجحت الجماعة فى توجيه دفة التظاهرات بما يخدم هدفها فى الوصول لحكم لا شريك لهم فيه.

وكانت الجماعة تدرك أن استمرار نظام مبارك شهادة وفاتهم، فهو النظام الذى يعرف خباياهم ومخططاتهم وكم كانت هناك صفقات بينهما!!، لكن بعد أن حنثوا بعهدهم ووعدهم فى عدم المشاركة فى المظاهرات ودورهم فى توجيه الأحداث كان حتميا أن ينتقم منهم نظام مبارك لو عبر الأحداث سالما، فكان جهد الإخوان كبيرا فى إفشال أية مفاوضات بين نظام مبارك والقوى الثائرة، ثم دورهم فى موقعة الجمل وكيف نجحوا فى إجهاض بواكير تعاطف جماهيرى مع مبارك بل وقلبها ضده، لنصل للحظة تخلى مبارك عن الحكم للمجلس العسكري، لتتحقق الخطوة الأهم فى طريقهم للسلطة، وها هى مرحلة جديدة مع مخططات وانتهازية وكذب وخداع جديدة نتناولها بالمقالات المقبلة. 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة